الفصل 030 : استعداد.

---------------------------------

كان (أورين) متفاجئاً مما حصل للتو، وكان سعيدا لأن الرذاذ يعمل جيداً وبشكل ممتاز.

حينها استدار وتقدم قليلا ليقف أمام (جاك البدين) الذي كان لا يزال يندب في وجهه ويشد شعره بقوة من شدة تعاسته وملله من حياته البائسة.

فتحدث (أورين) إليه قائلا: "هااااي (جاك)، كيف حالك؟"

رفع (جاك البدين) رأسه ورأى (أورين) واقفا أمامه وهو يبتسم، فكانت الدموع تنهمر من عينيه والمخاط يسيل من أنفه وكأنه طفل صغير.. فسأله بعد أن مسح مخاط أنفه بكُم قميصه:

"ماذا؟ هل تريد أن تضحك عليّ أنت أيضاً؟"

أجاب (أورين): "بالطبع لا! اسمع، حدث وأصبحتُ حنوناً عليك، وسمعت ما كنت تقوله للتو ومن الممكن أن لدي شيئاً قد يساعدك."

ظهرت فرحة صغيرة على وجه (جاك البدين) وآثار المخاط الجاف على فمه، فسأله: "حقا؟"

أجابه (أورين) بالحقيقة الكاملة مبتسما: "أجل، لدي رذاذ فقدان الذاكرة، والذي يمسح الذكريات السيئة."

لم يتردد (جاك البدين) ولو لثانية واحدة وقال بصوت مرتفع ومتحمس: "واو! أستخدمه عليّ!"

تردد (أورين) بعض الشيء وقال له:

"حسنا... الذكريات السيئة والجميلة ايضاً. لا أريد أن أكذب عليك، فأنا لا أعلم إن كانت هناك آثار جانبية. أقصد، قد يكون المفعول دائم وإلى الأبد. وقد يسبب لك الدوخة، أو الأرق... الغثيان، الإسهال، الحمى... أنا لا أعلم حقاً."

لم يكترث (جاك البدين) لتلك العواقب المحتمل حدوثها، فهو يتحرق شوقاً حتى يجرب الرذاذ وينسى كل همومه ويرميها ورائه ويعيش حياة جديدة. فقال له: "لا مشكلة! يمكنك القيام بذلك!"

ظل (أورين) متردداً وقال له شيئاً آخر مبالغ فيه من بين تلك العواقب: "ولكن ... قد تموت...!"

لكن (جاك البدين) ظل يلح بإصرار على (أورين) بأن يبدأ فورا برش ذلك الرذاذ عليه، فقال له وهو غير مكترث:

"أجل، أجل، فقط توقف عن الكلام والبدأ في الرش."

"اهمم... حسنا."

حينها أخرج (أورين) الرذاذ ووضعه أمام وجه (جاك البدين) السعيد. فعندما رش عليه القليل من الرذاذ، مباشرة تغيرت ملامحه، فنظر إلى (أورين) باستغراب ثم إلى جسده، ثم أعاد النظر إلى (أورين) وسأله:

"من أنت؟"

رد عليه: "أنا (أورين)."

كان يبدو على (جاك البدين) أنه مشوشٌ وحائر، فقال: "(أورين)؟ حسنا."

ثم نظر مجدداً إلى جسده بارتباك وسأل نفسه:

"أنا ..... أنا بدين. لماذا أنا بدين؟"

فقال له (أورين): "لا أعلم يا (جاك). لأنك تأكل كثيراً؟"

ظل (جاك البدين) يحدق بإمعان في بطنه السمينة وقال مع نفسه:

"ولكني لا أحب أن أكون بدينا..." ثم نظر إلى (أورين) وقال: "أنا... أنا سوف أذهب إلى المنزل."

فسأله (أورين): "حسنا. هل تعرف أين تعيش؟"

رد عليه (جاك البدين )بسرعة: "نعم..." ثم غادر وهو يركض وبعدها قال قبل أن يخرج من الفصل:

"في مكان ما، على ما أعتقد..."

بعد أن غادر (جاك البدين) بدأ ينظر (أورين) إلى الرذاذ الذي يحمله في يده وقال مع نفسه وهو متفاجئ:

(وااااو، هذا الرذاذ شيء مدمر! كما أن مفعوله يكون تلقائياً! يجب أن أذهب إلى المنزل وأخبر الفتيات.)

***

وصل (أورين) إلى المنزل وصعد مباشرة إلى غرفة (لورين) من شدة حماسه بشأن تجربته للرذاذ بدأ بالتحدث فور فتحه للباب.

"(لورين)! لن تصدقي ماذا حدث، ذلك الرذاذ يعمل حقاً!"

ثم اقترب منها وأكمل: "أنه يمسح الذكريات كليا لأيّا كان الشخص الذي يستنشقه!"

كان يبدو على (لورين) أنها شاردة الذهن وكانت تقوم بدفع ظهرها بيديها من الخلف وملامح مجهها تبين على أنها تبدو منزعجة قليلاً.

فعندما كان (أورين) يتكلم لم يبدو له على أنها تستمع، فسألها: "هاي! هل سمعتي ما قلت؟"

أدارت رأسها وقالت لـ(أورين) بغير اكتراث: "أجل، الرذاذ يعمل، هذا جيد."

تساءل (أورين) مستغرباً فكان يبدو على أنها ليست بخير، فسألها:

"هل أنتِ بخير؟ لماذا تلوين ظهرك هكذا؟"

أجابته: "حسنا، لقد كنت على ما يرام... والآن ظهري يؤلمني قليلا. أعتقد بأنني رفعت الكثير من الوزن في صالة الرياضة بينما كنت أقوم بتمارين القرفصاء."

ظهرت ملامح الشفقة على وجه (أورين) وقال لها:

"أوه، هذا مؤسف. ربما من الأفضل أن تبقين في المنزل... أنا و(جودي) سوف نذهب لوحدنا."

فردت عليه (لورين): "ولكني أريد أن أذهب أيضاً! لا تقلق سوف أكون بخير."

"حسنا، حسنا. بالمناسبة، أين هي (جودي)؟"

لورين: "لقد ذهبت لتشتري زوجاً من الأحذية الخاصة بالاستكشاف. قالت بأنها ستعود في غضون نصف ساعة."

"حسنا إذن، سوف أذهب لكي أجهز نفسي. هل تحتاجين لأي شيء من أجل ظهرك؟"

حينما سمعت (لورين) ما قاله (أورين) استلقت على السرير بأريحية وقالت وهي تبتسم:

"أجل تدليك، على منصة دافئة وشراب ساخن، من فضلك."

فرد عليها (أورين) ساخرا: "بالتأكيد، سيدتي، هل تريدينني أن أجهز لك علاجاً طبياً خاصاً بالأعشاب أيضاً؟"

فقالت (لورين): "في الحقيقة... بعيدا عن المزاح، أنا حقا أحتاج إلى تدليك."

لكن (أورين) ابتسم لها وقال: "من المؤسف أنني لا أعمل لديك!"

لورين: "حسنا... إن كنتُ أتذكر جيداً، أنت لا تزال مدينا لي بمعروف لمساعدتي لك في الكيمياء. لذا...."

تنهد (أورين) وقال مستسلماً: "أتعتقدين بأنكِ ذكية جداً، هاه؟ .... حسنا، حسنا، إن كنتِ تريدين إنفاق ذلك الدَّيْن فقط مقابل تدليك، فسوف أقوم بتدليك ظهرك. هيا، استديري واستلقي على بطنك."

قفزت (لورين) من سريرها وجلست وكان يبدو عليها الحماس وقالت له:

"في الحقيقة... أنت سوف تعطيني تدليكا ملائماً. لندهب إلى العُلِيّة، أعتقد بأن لدينا هناك طاولة تدليك محمولة نستطيع استخدامها!"

تنهد (أورين) وقال: "حقا؟ حسنا، لنذهب."

وصل الإثنان إلى عليّة منزلهم، ولقد كانت أول مرة لـ(أورين) أن يدخل إليها منذ وقت طويل جداً، فصاحت (لورين) بسعادة بعد أن وجدت طاولة التدليل المحمولة موضوعة في وسط الغرفة.

"آها~! لقد علمت ذلك، ها هي هنا! إنها جيدة!"

ثم عادت وفتحت باب العليّة وقالت لـ(أورين):

"سأذهب لكي أغير من لباسي المدرسي إلى شيء مريح، وسوف أعود حالا."

أومأ (أورين) إليها وغادرت بعد ذلك. وبينما كان ينتظرها، بدأ ينظر إلى ما تحتويه الغرفة، فكانت هناك أريكة حمراء في الجهة اليسرى وبعض البطانيات في الركنية بجانب برميل خشبي، وفي الجهة اليمنى كان هناك رف معلق به كتب وأشياء أخرى، وخزانة خشبية، وتلك الطاولة المحمولة الخاصة بالتدليك في وسط الغرفة.

كان (أورين) حينها يتذكر عندما كانت تلك العليّة مليئة فقط بالنفايات والخردة. وكانوا قد نظفوها عند إنتقالهم ولكنهم لم يستعملوها قط، ففكّر بأن يقوم بإعداد وتنصيب غرفة ألعاب فيديو أو شيء من هذا القبيل هناك. كان يخطط ويتخيل كل ذلك في مخيلته حتى لمح شيئاً غير مألوف موجود على الرف، فعندما اقترب ليتأكد، وجد بأنه حامل للسلاح، وكان مصدوما ومتفاجئاً من وجوده هناك، كما أن بجانبها 4 رصاصات.

عندما أمسكه وفحصه وجد بأنه فارغة ولا يوجد بها أي مسدس. فكان يتساءل عن سبب وجودها هناك، وهل هي خاصة بوالده؟ فافترض بأنها له بالفعل... فهو لا يزال لا يعلم أي شيء عن "رحلة العمل" الخاصة بوالده... حتى تذكر بأن عليه أن يتحدث مع (آشماداي) عن والده في المرة القادمة، ويسأله عن علاقته مع طائفة أبناء (عشتروت).... حينها جاءت (لورين) وأمضياَ الوقت هناك، حتى يساعدها (أورين) بتدليك ظهرها للتخلص من الألم الذي تعاني منه، ليسهل عليها الخروج مع البقية إلى مغامرتهم المقبلة.

بعد نصف ساعة تقريبا، انتهى (أورين) من تدليك ظهر (لورين) وحينها طرقت عليهم (جودي) الباب ودخلت وهي تبتسم، فرحبت بهم ورحبوا بها وقالت لهم:

"لقد اشتريت للتو زوجاً من الأحذية، يا أختي! لقد كان هناك عرض خاص لإثنان بثمن زوج أحذية واحد!"

كانت (لورين) أيضاً سعيدة بذلك، وقالت لها:

"حقا؟! أنتِ الأفضل يا (جودي)! سوف أذهب لأرتديهم الآن وبعدها يمكننا أن نذهب."

جودي: "رائع!"

ثم خرجت (لورين) وتركتهما لوحدهما هناك، فقال (أورين) لـ(جودي):

"إذن... هل أنتِ جاهزة لنطارد (ليليث)؟"

أجابته وهي متحمسة: "أجل!"

كان (جودي) مرتدية لزي جديد، فكان كوسبلاي لشخصية (لارا كروفت) المعروفة بـ(تومب رايدر)، فقالت بعد أن سألها (أورين) عن الزي الجديد.

"أجل! أنا جاهزة لبعض الأكشن! إنه مطاطي، وجديد ومليء بالجيوب الصغيرة حتى أحمل معي أي شيء قد نحتاجه! هل أعجبك؟"

"أجل، يبدو رائعاً عليكِ!"

ثم بدأت تستعرض زيها أمامه كعارضة أزياء، ثم توقفت واحمرت وجنتاها من شدة الحماس وقالت له:

"حسنا! هيا هيا لنذهب!"

وقبل أن يغادروا العليّة قال لها (أورين):

"بالمناسبة، حول ما حدث البارحة... أنا، لم أقصد أبدا أن أجعلك تشعرين بعدم الإرتياح."

حينها وضعت يدها اليمنى خلف ظهرها واختفت ابتسامتها وقالت:

"لا، ذلك الموقف كان غريباً قليلاً في البداية، ولكنه قد مرّ وانتهى. (آيريس) خرجت عن السيطرة البارحة قليلاً، كنت أظنها ستقوم بأشياء بذيئة ولكنها لم تفعل، فهي تصبح كذلك في بعض الأحيان."

ضحك (أورين) وقال لها: "أجل، هاها. ماذا حدث لها؟ هل... هل تعلمين إن كنتُ اُعجبها أو شيء من هذا القبيل؟"

فأجابت (جودي) وهي خجولة بعض الشيء ولم تستطِع النظر في عينيه:

"لا أعلم، ربما. أنا حقاً لا أهتم."

فقال لها: "أوه، حسنا. دعينا ننسى كل ذلك. علاقتنا أنا وأنتِ جيدة، هذا ما أهتم لأجله."

ابتسمت (جودي) وعاد حماسها من جديد وقالت له:

"بالتأكيد! علاقتنا أكثر من جيدة، أخي!"

"حسنا، لنذهب، لدينا طائفة دينية شريرة لنهزمها!"

جودي: "لنذهب!"

يتبع..

2022/02/02 · 93 مشاهدة · 1338 كلمة
نادي الروايات - 2024